كيفية تكوين راس المال بإستعمال كذبات جديدة
في يوم نموذجي، يلتقي المستثمر شركتين أو ثلاثة ترغب في الحصول على رأس المال عبر الاستثمار و يقرأ أربع خلاصات تنفيدية أو خمس ، كل شركة تدعي أن الاستثمار فيها هو فرصة العمر ، و أن لها فريقا معتمدا، تكنولوجيا مسجلة و براءة الإختراع ناهيك عن سوق حقيقي.
لا تدعي أي شركة على الاطلاق أنها مجموعة من الخاسرين لا يعرفون ماذا يفعلون، وبينما تعتقد أن لقاءك مع المستثمرين هو مركز العالم و محور التاريخ، فالحقيقة أنه قد سبقك لقاء اخر و سيليك لقاءان اخران مع شركات تدعي نفس ما تقوله أنت، كما أن جزء من وهم مركز العالم هو أن رائد الأعمال يعتقد أنه سيخبر المستثمر بأشياء لم و لن يسمع بها قط، واصل الحلم.
من أجل المستثمرين الذين ملو من سماع نفس الكذبات القديمة، و من أجل رواد الأعمال الذين يسقطون من قيمتهم بتكرار هذه مجددا، سأتطرق هنا إلى ذكر أكثر الكذبات قيلا للمستثمرين، إقرأها بحرص، و استعد على الأقل لإستخدام كذبات جديدة:
· الكذبة الأولى : توقعاتنا متحفظة
ليس هذا و حسب، بل إن سوقكم ستكون بقيمة 100 مليون دولار بحلول السنة الثالثة، كما أن شركتكم ستكون الأسرع نموا في تاريخ البشرية.
الحقيقة أن توقعاتك ليست متحفظة، و ليس لديك دليل على مبيعاتك ستصل إلى ذلك التوقع، أنا أتخيل اليوم الذي سيأتيني فيه رائد أعمال و يقول: "صدقا، إن توقعنا ضرب من الصدفة ، إخترنا رقما كبيرا حتى نلفت إهتمامك ليس إلا ، ففي الحقيقة ليس لدينا أذنى فكرة عن حجم السوق المستقبلي أو عن إستقرار المبيعات ، لن يمكننا معرفة أي شيئ عن هذا حتى يشحن المنتج إلى السوق و نرى كيف سوف يتم تقبله". على الأقل سيكون رائد الأعمال هذا صادقا.
· الكذبة الثانية : قالت شركة (ضع إسما كبيرا لشركات الاستشارة هنا) أن سوقنا سيصل إلى 50 مليار دولار بحلول السنة الخامسة.
الإتيان بأرقام مضخمة عن الواقع لا يحسن فرصتك في الحصول على الاستثمار.
أكرر نصيحتي : إجتنب الأرقام الكبيرة ، فلا أحد سيأتي و يقول "إننا شركة ضعيفة و لن نحقق ربحا كبيرا"، الكل يقول أنه ضربة العمر لذا حاول أن تخرج عن المألوف.
· الكذبة الثالثة : ستوقع شركة (ضع إسما لشركة عملاقة هنا أيضا) عقدا معنا في الأسبوع المقبل.
من الجيد أن تبدي المنفعة للمستثمر، لكن إياك أن تدعي ما لا تقدر على إثباته، ففي الكذبة أعلاه ، إذا مر أسبوع و لم توقع الشركة العقد معك ستفقد كل مصداقيتك، لا تتحدث عن أمور مشابهة إلا عندما تتم فعليا توقيع العقد.
· الكذبة الرابعة : الموظفون المرموقون سينضمون إلى الفريق بعد أن نحصل على الاستثمار.
دعني أستوعب هذا: أنتما شخصان في مرأب ، تحاولان الحصول على بضع الاف الدولارات، منتجك أو خدمتك لا يزالان يحتاجان إلى اثني عشر شهرا للانتهاء، و أنت تحاول إقناع المستثمر أن الأشخاص المعروفين الذين يتقاضون 250 ألف دولار سنويا، مع الاضافات و الفوائد.. سوف ينضمون إلى شركتك؟
إذا كنت ستستعمل هذه الكذبة فتأكد أن الموظف المرموق ترك عمله مسبقا و أنه مستعد بالفعل إلى الانضمام إلى منظمتك، أو أن المستثمر قد خرج للتو من مستشفى المجانين.
· الكذبة الخامسة : بعض المستثمرين هم في مرحلة "الفحص النافي للجهالة "
(الفحص النافي للجهالة Due Diligence هو مرحلة من التعاقد بين طرفين يتم فيها الاستفسار للحصول على صورة واضحة عن حالة الشركة حاليا و مجموع ممتلكاتها و مستنداتها و التي قد تؤثر على نتيجة العقد)
بمعنى اخر، أنت تقول "إذا لم تسرع، سيمولنا شخص اخر، و ستضيع فرصتك". قد يعمل هذا التكتيك في حالة الغنى الفاحش للمستثمر أي أنه لن يهتم إذا خسر بضع الاف الدولارات ما دام هناك فعلا من يحاول الاستثمار في مشروعك الاستثماري، لكن في ما عدا ذلك و هو الحال عادة ، فهدا التكتيك مثير للضحك، ما يعتقده المستثمر فعليا هو أنك ألقيت بضع خطابات و لم يصلو إلى مرحلة رفضك تماما بعد ، كما أنه هناك فرصة كبيرة أن يتكون للمستثمر الذي تريد إقناعه على معرفة مسبقة بإحدى هذه الشركات المهتمة بمشروعك، فبإتصال واحد سيتكشف مدى إهتمام هذه الشركة بمشروعك، و الفرص كبيرة أن يلحق رأيه بارائهم و يرفضوك معا.
· الكذبة السادسة: الشركة (إختر إسم شركة كبرى وضعه هنا ) صارت عجوزا و بطيئة لتشكل تهديدا علينا.
يعتقد الكثير من رواد الأعمال أنهم بقول عبارة كهاته،
1. سيقومون بإقناع المستثمر بمدى تفوقهم
2. سيثبتون أنهم قادرون على التغلب على شركة كبرى
3. سيشكلون إمتيازا تنافسيا ملحوظا
في الحقيقة، كل ما تبديه هو مدى سذاجتك للإعتقاد أنك بالفعل قادر على التفوق على رواد مجال نشاطاتك، و بالتالي تخويفهم من الاستثمار لمنافسة شركة كبرى لا أمل لهم في تحقيق أرباح منها، لا تحفر قبرك بنفسك، عوض ذلك، يمكنك تحسين فرصك ببدائل كهاته:
§ الشراكة مع المنافسة
§ البقاء أسفل رادارها لتجنب الاحتكاك المباشر
§ إستهداف سوق مختص لا يريد أو لا يستطيع المنافس دخوله
· الكذبة السابعة : براءات الاختراع تحمي مشروعنا
اخر الاخبار، براءات الاختراع لا تحمي مشروعك، كل ما بإمكانها القيام به و هو ترك إنطباع جيد عند المستثمر و إعطاءك إمتيازا مؤقتا و مبدئيا على منافسيك، أقول "مؤقت"، لأنه سرعان ما سيتم دراسة تقنيتك من طرف المنافسين و الخروج بما هو أفضل منها، كما أن براءات الاختراع ليست بالفعل طريقة ناجحة للحماية، فإذا كان قسم القضاء بالولايات المتحدة الامريكية وApple غير قادرين على هزم Microsoft في المحكمة، فأنت كذلك لن تستطيع.
عند التحدث إلى المستثمر لا تذكر براءات الاختراع إلا مرة واحدة : لأنك إذا لم تتحدث عنها قط سيعتقد المستثمر أنك لا تمتلك أي شيء خاص ، إذا ذكرتها أكثر من ذلك سيظن أنك عديم الخبرة و أنك تعتقد بالفعل أن براءات الاختراع تحمي مشروعك .
· الكذبة الثامنة : كل ما نهدف إليه هو الحصول على 1%من السوق
هذا ما يسميه صاحبوا رؤوس الأموال المغامرة بكذبة المشروبات الصينية، إذا حصلنا فقط على 1% من السوق الصينية للمشروبات ، سنكون أكثر نجاحا من كل الشركات على مر العصور ، لقد سبق و تحدثنا عن هذا سابقا، هذا النوع من التفكير غالط لأنه يتضمن عدة أخطاء:
§ ليس من السهل الحصول على 1% من السوق الصينية للمشروبات
§ قليلون فقط هم رواد الأعمال الذين يقصدون فعلا التوجه إلى سوق كبير جدا كالصين
§ الشركة التي مرت قبلك قالت نفس الشيء، و كذلك ستفعل الشركة التي ستأتي بعدك
§ الشركة التي تهدف إلى 1% من أي سوق ليست بالفعل مهمة
كما ذكرت سابقا، فالشيئ الصائب للقيام به هو الإتيان بإجمالي السوق المستهدف الذي تحدثنا عنه أي القيمة الحقيقية لتخصصك في السوق ، لا السوق بأكمله و هو رقم معقول كفاية، أو أن تحفز خيال المستثمر، في كلتا الحالتين ، إجتنب أي ذكر لواحد بالمائة من السوق، فهذا سيجعلك تبدو عديم النفع.
· الكذبة التاسعة : نحن نمتلك إمتياز السبق
إمتياز السبق First-Mover Advantage هو الامتياز الذي تناله الشركة لكونها أول من تطرح المنتج أو الخدمة في السوق لتسيطر عليه كليا
هناك على الأقل مشكلتين بخصوص هذه الكذبة :
1. الأولى هي أنه كيف بإمكانك فعلا أن تكون السباق إلى سوق ما ؟ إذا كنت تقوم بشيئ جيد، ستجد على الأقل خمس شركات أخرى تقوم به، إذا كنت تقوم بشيء رائع، فستجد على الأقل عشرا تقوم به بشكل أفضل منك.
2. الثانية قد لا يكون السبق إمتيازا، فقد يكون الثاني الأسرع أوفر حظا منك، إذ أنه سيدرس مبدأك غير المسبوق و سيتعلم من أخطاءك ليستهملك كمنصة للقفز نحو الأعلى.
· الكذبة العاشرة : لدينا فريق من الخبراء المعترف بهم عالميا
يمكننا أن نعرف الخبراء المعترف بهم عالميا على أنهم أفراد جمعوا ثروات طائلة من خلال الاستثمار في شركات أخرى، أو أنهم شغلوا مناصب كبرى بشركات عالمية، لا يمكننا إعتبار من حملهم سيل نجاح إحدى الشركات بالدفة و هم يعملون في أدوار صغيرة، أو قضو بضع سنوات في بعض الشركات المشهورة "خبراء معترف بهم عالميا".
تمرين : سلم ورقة بالكذبات العشر إلى أحد أصدقائك و أطلب منه الاستماع إلى خطابك، كم عدد الكذبات التي وقعت فيها؟
حتى لا تنسى أو تظل الطريق التي رسمناها لك من خلال هذا الدليل المرجو قراءة الجزئين الاول و الثاني من الموضوع حتى تكتمل الصورة و تستقيم الفكرة
تعليقات
إرسال تعليق